مقال عمود الصفحة الرابعة

اجتهادات دعوها تتحدث عن نفسها

د. وحيد عبدالمجيد

نحو خمسة مليارات شخص يُتابعون مباريات المونديال الحالى فى أنحاء العالم حسب تقدير «الفيفا». وإذا صح هذا التقديرُ، فهو يعنى أن ما يقرب من ثلثى البشر يحبون هذه اللعبة. أما إذا أضفنا صغار الأطفال فستصبحُ النسبةُ أكبر

ولهذا تكتسبُ مسألةُ تطوير البث التليفزيونى لمباريات المونديال، وغيرها أيضًا، أهميةً متزايدة. فقد أصبحت حقوقُ هذا البث (بيزنس) ضخمًا يبلغ ذروته فى دورات المونديال، وبعض المسابقات القارية، وقليلٍ من المسابقات المحلية وفى مقدمتها الدورى الإنجليزى حيث تُسجل أعلى معدلات المشاهدة. ولهذا البيزنس أطرافه الذين يربحون منه، بينما يبقى الجمهور متفرجًا عليه مثلما يُشاهدُ المباريات، برغم أنه من يصنع الجزء الأكبر فى هذا البيزنس الضخم المعتمد على موارد من أهمها حقوق البث، إلى جانب قيمة بيع تذاكر المباريات.

الجمهور، إذن، طرفُ سلبى لا صوت له ولا يُسأل عن رأيه. صحيحُ أنه يستفيدُ من تطويرٍ هنا وهناك، مثل زيادة أعداد الكاميرات فى الملاعب، فهو خارج حسابات إدارة الفيفا التى يبدو أنها مستعصيةُ على تصحيحٍ ضرورىٍ مازال منتظرًا منذ عقود.

وفضلاً عن الفيفا، لم يفكر أحدُ فى إجراء استطلاع منهجى عن التطوير الذى يريده المشاهدون. وإذا أجرى هذا الاستطلاع، ربما تدلُ نتيجته على استياء من طريقة أداء كثيرٍ من المذيعين، خاصةً فى محطات تليفزيون عربية. فمهمةُ المذيع أن ينقل إلى المشاهد تفاصيل أحداث المباراة، ولا ينشغلُ عنها بإبداء آرائه الشخصية، أو تقديم معلوماتٍ يعرفُها كثيرُ من المشاهدين، أو يستطيعون معرفتها بسهولة، ناهيك عن مذيعين لا يكفون عن الصراخ طوال المباراة.

ليس كلُ المشاهدين قادرين بالطبع على متابعة المباراة بدون مذيع، برغم أن هذا ما يحدثُ حين يذهبُ بعضهم إلى الملاعب حيث تتحدثُ الكرةُ عن نفسها. ولكن من يحتاجون إلى مذيع لا يستفيدون منه حين ينشغلُ عن أحداث المباراة بعرض آرائه وتعليقاته، وربما لا يضرهم بالتالى عدم وجوده. أما من جربوا مشاهدة بعض المباريات فى الملاعب، فلا فرق لديهم بين وجود مذيعٍ أو غيابه. وقد يأتى وقتُ يزدادُ فيه الاقتناعُ بترك الكرة تتحدثُ عن نفسها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى