لماذا نقرأ سورة الكهف؟
الحمدلله نحمدة ونستعينه ونستغفرة،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنَّ لاالة الاالله وحدة لاشريك له ، وأشهد أنَّ مُحمد رسول الله. دائما نقرأ سورة الكهف خاصة بيوم الجمعة ، ولكن مع الأسف قد يجهل البعض الحكمة او الفضل من قرأة هذه السورة . القرآن كلام الله المنزل على عبده محمد ( ص ) ، وهي معجزته الخالدة ، وكما قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام: “خياركم من تعلم القرآن وعلمه” وحتى نتعلم أكثرعلينا أن نفهم محكم آيته. سورة الكهف من السورة المكية وهي إحدى خمس سورة بدأت بـ ( الحمد لله ) … ( الفاتحة ، الأنعام ، الكهف ، سبأ ، فاطر ) وهذه السورة ذَكرت أربعُ قِصص قرآنية هي أهل الكهف ، صاحب الجنتين ، موسى علية السلام والخضر ، وذو القرنين . ولهذه السورة فضل كما قال النبي عليه أفضل الصلاة والسلام : “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء” وقصص سورة الكهف الأربعة يربطها محور واحد وهو أنها تجمع الفتن الأربعة في الحياة. فتنة الدين (قصة أهل الكهف) ، فتنة المال (صاحب الجنتين) ، فتنة العلم (موسى عليه السلام والخضر) وفتنة السلطة (ذو القرنين) وهذه الفتن شديدة على الناس ، والمحرك الرئيسي لها هوالشيطان الذي يزيّن هذه الفتن ولذا جاءت الآية: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا) سورة الكهف آية 50. ولهذا قال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام أنه من قرأهاعَصَمهُ الله تعالى من فتنة المسيح الدجّال لأنه سيأتي بهذه الفتن الأربعة ليفتن الناس بها. وقد جاء في الحديث الشريف :”ما بين خلق آدم حتى قيام الساعة ، ما فِتنهٌ أشدّ مِن فتنة المسيح الدجال” وكان عليه أفضل الصلاة والسلام يستعيذ في صلاته من أربع ، منها فتنة المسيح الدجال. وقصص سورة الكهف تتحدث عن أربع فتن ثم يأتي بعده تعقيب بالعِصمة من الفتن. 1- فتنة الدين : قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاثمئة سنة وازدادوا تسعا وكانت القرية قد أصبحت كلها على التوحيد … ثم تأتي آيات تشير إلى كيفية العِصمة من هذه الفتنة :(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ولا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ، وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا ) سورة الكهف آية28 – 29. فالعصمة من فتنة الدين تكون بالصحبة الصالحة وتذكر الآخرة . 2 – فتنة المال : قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله كل شيء فكفر بنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين بهلاك الزرع والثمر … ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة: (وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا ، الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا) سورة الكهف آية 45-46 .والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة الدنيا وتذكر الآخرة . 3 – فتنة العلم : قصة موسى علية السلام مع الخضر ، عِندما سُئل موسى: من أعلم أهل الأرض؟ فقال أنا … فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يفهم الحكمة في أفعاله وإنما أخذ بظاهرها فقط … وتأتي آية العصمة من هذه الفتنة (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ) سورة الكهف آية 69 .والعصمة من فتنة العلم هي التواضع وعدم الغرور بالعلم .4 – فتنة السلطة : قصة ذو القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها بين الناس ويدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا… وتأتي آية العصمة : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً ، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) سورة الكهف آية 103-104 فالعصمة من فتنة السلطة هي الإخلاص لله في الإعمال وتذكرالآخرة . 5- العصمة من الفتن : آخر آية من سورة الكهف تُركّز على العصمة الكاملة من الفتن بتذكراليوم الآخرة: ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) سورة الكهف آية 110 .فعلينا أنَّ نعمل عَملاً صالحاً صحيحاً ومخلصاً لله… من دون ان ننتظر المقابل من البشر ، والنجاة من الفتن إنتظار لقاء الله تعالى. والآن قد عرفنا سر قراءة سورة الكهف كل جُمعة ، ودورها فى تبصرنا بفتن الدُنيا ، والسبيل للنجاة منها ، وأدركنا فضلها العظيم علينا بعصمتنا من المسيح الدجال. إذن فلا مجال للتهاون عن قرأتها كل جمعة والعمل بتوصياتها. اللًّهم هب لنا مِنك عملاً صالحاً يُقربنا إليك ، وأنزع الوَهَنَ وَحُبَّ الدنيا مِن قلوبنا وأبِدل بة حُبَّ الآخرة ، اللهم تقبَّل دُعاءنا ، اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ .اللهم آمين – وإلى اللقاء
إعداد أم تامر المصرى