عمود الصفحة الثالثة

مستجدات الترسانتين الغربية والشرقية

يوسف مبارككاتب بحريني

بتاريخ 15 سبتمبر الجاري، أعلنت شركة لوكهيد مارتن، كبرى شركات قطاع التصنيع العسكري الأميركي، تسليمها سلاح ليزر جديد إلى القوات المسلحة هو الأقوى من نوعه حتى هذه اللحظة بطاقة 300 كيلو وات.

في المقابل وقبلها بيومين في 13 سبتمبر، أعلن فريق صيني من الجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع في مدينة تشانغشا بإقليم هونان، يقوده العالم لي بينغفاي، عن عملهم على تطوير أول صاروخ جو – مائي يقطع المسافة المبدئية جوا ثم يغوص ليغرق السفن، في توليفة ردع عجيبة في وسائط وميادين المواجهات المحتملة.

جاء تسليم ليزر لوكهيد الجديد، المسمى “IFPC-HEL” اختصارا لـ “ليزر الطاقة العالية – لقدرات الحماية ضد الإطلاقات غير المباشرة”، بعد حوالى شهر واحد من تثبيت سلاح ليزر هيليوس على بعض سفن البحرية، والأخير من إنتاج الشركة ذاتها لكن النوع المسلم بعده أقوى منه بخمسة أضعاف، وهو دليل على تسارع نجاحات أبحاث التطوير العسكري، وشمولها لمجالات حماية إضافية، إذ من المنتظر أن يستخدم الليزر الجديد حتى في الدفاعات الفضائية.

هذا السلاح الجديد أبعد مدى من أسلافه وأكثر تركيزا وأطول تصويبا وأسرع تعافيا، مما يجعله الأقدر حتى اليوم في التعامل الواعد مع أعرض نطاق متاح من المقذوفات بأنواعها وغيرها من الأهداف المعادية.

أما في الجانب الصيني، فوقود البورون المستخدم في “الطوربيد الجوي” الجديد غير مألوف، ومع التصميم البالغ طوله خمسة أمتار، يمكن للصاروخ الجو-مائي التحليق بسرعة 2.5 ماخ (ضعفين ونصف سرعة الصوت) على ارتفاع 10 كيلومترات لمسافة 200 كيلومتر، ثم الغوص بسرعة 200 عقدة لمسافة 20 كيلومترا لإغراق سفينة أو تدمير هدف بحري أو ساحلي.

تحت الماء، يساعد تصميم وتجهيز الصاروخ في مرحلة الطوربيد على صنع ممر هوائي حوله، يحمله إلى موقع الضربة بسرعة 100 متر في الثانية، في ظاهرة تسمى “supercavitation”، واجتهاد ترجمتها في تعريب علم الانسيابية هو “التكهّف الفائق” كنايةً عن الكهف النفقي المتواصل الذي يصنعه الطوربيد تحت الماء لتسريع بلوغه موضع الضربة.

في ألعاب الحرب، لا بد أن الشهر الجاري الذي شهد الإعلان عن السلاحين وإمكاناتهما يضيفهما إلى حسابات مناورات الذكاء الاصطناعي التي تجريها حواسيب فائقة لدى الطرفين، لمعرفة جدوى الإصابة من إبطالها، لأن بلوغ التفوق في سلاح هجومي أو حقيق الردع المبطل له سيّان في سباقات التسلّح، لصنع مأزق الردع المتعادل المبطل لجدوى الهجوم من الأساس.

بين هذا السلاح وذاك، لا بد من إدراج عقلية الاستشراف ونمط العمل الاستباقي عند إطلاق خطة تطوير وإنتاج أي نوع من الأسلحة التي تحتمل صناعتها التوطين، يتم فيها احتساب الإمكانيات الهجومية والدفاعية للخصم الظاهر أو المحتمل، وتطوير وصنع السلاح الأقدر على إبطالها أو التصدي لها، وتلقيم هذه الاحتمالات وخطط المواجهة الواردة لحاسوب خارق يفيد بعدها صانع القرار بتقارير شاملة، تثري صنع القرار برأي لا يحتمل الخطأ أو قصر النظر البشري، لتعلم دولنا ذات التسلّح الذاتي الواعد نجاعة ضرباتها إن اضطرت لتوجيهها يوما ما.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى