تفسير طعن سلمان رشدى؟
لا يكفى الاستسهالُ فى تفسير عملية طعن سلمان رشدى، والاكتفاء بإحالتها على مرسومٍ إيرانى قديم, لفهم السياق الذى تشكل فيه وعىُ الشاب الذى حاول قتله على نحوٍ أوصله إلى هذا المستوى من العنف. فلم يكن الطاعنُ قد وُلد عام 1989 عندما أصدر الزعيمُ الإيرانى الراحل آية الله الخمينى مرسومًا اعتُبر بمثابة فتوى، ونص على هدر دمه، وتقديم مكافأةٍ لمن يقتله، بُعيد نشر رواية (آيات شيطانية) التى أثارت جدلاً صاخبًا بسبب اتهام مؤلفها بتعمد الإساءة إلى الإسلام. واردُ جدًا أن يكون الطاعنُ الذى لم يتجاوز عمره الرابعة والعشرين قد تأثر بذلك المرسوم، برغم أن الزمن تجاوزه بعد 33 عامًا، ونُسى موضوعه أو كاد. كما أن خلفاء من أصدر ذلك المرسوم فقدوا اهتمامهم به، منذ أن أعلن متحدثُ باسم الحكومة الإيرانية عام 1998، فى عهد الرئيس محمد خاتمى، أن بلاده لم تعد تؤيد اغتيال رشدى, برغم وجود متشددين يبهجهم حتى الآن حدوث ذلك. ويصعبُ تفسير كلام المرشد الإيرانى الحالى علي خامنئي عن ذلك المرسوم عام 2017 بأنه تراجعُ عما أُعلن عام 1998. فعندما سُئل عما إذا كانت فتوى الخمينى مازالت قائمة، لجأ إلى جوابٍ لا يحملُ جوابًا0 فهو لا يملكُ, من موقعه, أن يخالف موقفًا اتخذه الخمينى بكل ما له من مكانةٍ تصلُ إلى حد التقديس لدى كثيرٍ من الإيرانيين, فقال إن تلك الفتوى كانت مرسومًا أصدره الخمينى عام 1989. ولهذا، يتعينُ البحث فى ظروف الطاعن الشخصية، والبيئة التى نشأ فيها، وحالته الراهنة، لفهم خلفياته ومعتقداته، ومعرفة كيف واتته فكرةُ الطعن، وهل خطرت له عندما قرأ أو سمع عن مشاركة رشدى فى ندوةٍ بمركز شوتاكاوا الثقافى بنيويورك، أم كان ينتظر فرصةً للوصول إليه. فهذه حالةُ تفيدُ دراستها فى فهمٍ أفضل لآليات تشكل العنف استنادًا على مواقف معينة مثل مرسوم – فتوى الخمينى، أو نصوص منتفاه، أو صور نمطية محددة، وكيفية تحولها إلى دوافع للعنف. إنها حالةُ خصبة للبحث بشكلٍ أعمق فى مسألة العنف، والعلاقة بين الموضوعى والذاتى فيها.