[تقرير] فيروز أوجيدة أو عندما يَنذِرُ القدر اسماً مُغدقاً عليه العطايا والهبات
تشارك الفنانة فيروز أوجيدة في النسخة الـ 25 لمهرجان ’’تقاليد العالم‘‘ (Traditions du Monde) في مدينة شيربروك في مقاطعة كيبيك الذي يستمر من 10 إلى 14 آب / أغسطس 2022. إنها المشاركة الثانية لمغنية السوبرانو الكندية الجزائرية في مهرجان شيربروك، وإذا كان اقتصر غناؤها عام 2018 على الأغنية الجزائرية والأمازيغية، فإنها هذه المرة ستقدم أغنيات ألبومها الباكورة الذي أصدرته العام الماضي بعنوان: ’’نجمة الصحراء‘‘. هذا الأخير فيه توليفة خاصة تمتزج فيها الألحان الشرقية مع اللحن الكلاسيكي بتوزيع متميز وفريد يعزز الصوت المزلزل الذي يخترق القلوب لصبية نُذرت منذ ولدتها أمها للأغنية ودفق الإحساس.
’’مهرجان تقاليد العالم‘‘ أو التقاء الثقافات
تعتلي فيروز أوجيدة مع فرقتها الموسيقية خشبة مسرح الهواء الطلق خلال مهرجان ’’تقاليد العالم‘‘ في قلب مدينة شيربروك الجمعة 12 أغسطس. تنضم السوبرانو الكندية الجزائرية إلى أكثر من 500 فنان يشاركون في النسخة الحالية للمهرجان العريق. يقدّم هؤلاء نحو 150 عرضا في الموسيقى والرقص والغناء وفن الطهو والحرف اليدوية وغيرها من ورش العمل على مسارح داخلية وخارجية، في فرجة استثنائية فريدة تسترعي انتباهك بكل حواسك. تعيش مدينة شيربروك على مدى خمسة أيام على وقع إيقاعات العالم بأسره في مهرجان مميز للصغار والكبار، يجعلك تعيش انغماساً حقيقيا في قلب الثقافات والحضارات العالمية.
منذ النسخة الأولى عام 1998، دأب المهرجان على تعزيز تقاليد العالم والاحتفال بها وتشكيل اللحمة بين كافة الأعراق التي تعيش في المدينة الواحدة.
يعّد مهرجان ’’تقاليد العالم‘‘ من أبرز المهرجانات الصيفية التي تشهدها المدينة الفرنكوفونية بامتياز، سادس أكبر مدينة في مقاطعة كيبيك. تقع شيربروك عند التقاء نهري ماغوغ (Magog) و سان فرانسوا (Saint-François)، على بعد حوالي 130 كيلومتراً جنوب شرق مونتريال وحوالي 50 كيلومتراً شمال الحدود الأمريكية. هي المركز الاقتصادي والثقافي والمؤسساتي الرئيسي للمنطقة الإدارية استري (Estrie) ومن هنا تلقيبها بـ ’’ملكة المدن الشرقية‘‘. تضم المدينة جامعتين من أبرز الجامعات الكندية يرتادهما أكثر من 40 ألف طالب سنويا، هناك نحو 10،32 طالب على كل 100 نسمة تعيش في المدينة، وهذا تتفرد به المدينة عن غيرها من المدن عبر المقاطعة ذات الأغلبية الناطقة بالفرنسية. منذ القرن التاسع عشر، كانت شيربروك أيضًا مركزًا صناعيًا مهمًا، هذا على الرغم من أنها شهدت تحولًا كبيرًا في العقود الأخيرة من خلال تراجع قطاعات التصنيع التقليدية فيها.
تشتهر منطقة شيربروك ببيئتها الوعرة، حيث تغمرها العديد من البحيرات والجداول، فضلاً عن موقعها المعماري الذي يذكرنا بنيو إنجلاند (New England). هذه الخصائص تعزز موقعها السياحي كما يوجد فيها العديد من مناطق التزلج القريبة ومواقع الجذب السياحي.
أقدارٌ كفيلةٌ برسم الهالة في حياة السوبرانو فيروز أوجيدة
قدرٌ أول: سُميت فيروز تيمناً بـ’’السفيرة إلى النجوم‘‘
على جدول الحفلة الوحيدة التي تحييها أوجيدة مع فرقتها الموسيقية ضمن فعاليات مهرجان شيربروك أغاني تبدأ من المغرب الكبير وصولا إلى المشرق، تزينها رائعة الكاتب الكندي الفرنسي ريمون ليفيك (Raymond Levesque) بعنوان: ’’عندما يقتات الناس من الحب‘‘ (Quand les hommes vivront d’amour). كذلك تغني فيروز رائعة الفنان الكندي ليونارد كوهين (Leonard Cohen) ’’هللويا‘‘. ’’يحمل العرض رسالة حب وسلام وتسامح‘‘ كما تؤكد فيروز أوجيدة.
تتسابق الأفكار في رأس السوبرانو صاحبة الموهبة الفذة ، تشعر وهي تتحدث إليك عن مشاريعها وأحلامها وطموحاتها، كأنها تريد أن تغزو العالم وتتربع على عرش الغناء الكلاسيكي المعاصر، وأن يذكرها التاريخ على غرار السفيرة إلى النجوم النجمة اللبنانية فيروز. لمَ لا، فهي نُذرت باسمها في سماء الأغنية منذ أبصرت النور في الجزائر العاصمة. وقد يكون اللقب الأحب إلى قلبها هو ما عنونت به أيضا ألبومها الباكورة ’’ديفا الصحراء‘‘ الذي صدر العام الماضي. وتسمية الألبوم أتت ’’تيمنا بمدينة حاسي مسعود الصحراوية في ولاية ورقلة جنوب شرق الجزائر التي عشتُ فيها الأعوام الـ17 الأولى من عمري عندما كان أهلي يعملون في شركات النفط هناك‘‘.
جدتي لوالدي قالت لأمي عندما ولدتني: ’’هل يمكن أن تسمي حفيدتي فيروز؟ إن جلّ المنى أن يأتي يوم تستطيع فيه أن تغني مثل فيروز القديرة الكبيرة‘‘، هذا ما قالته جدتي بالحرف لوالدتي[…] مما لا شك فيه أن ملاكاً سماوياً كان ينصت إلى الأمنية الغالية لهذه الجدة. ليرسم لي اسم فيروز طريقا مكلّلا بالفخر والاعتزاز ويكون القدر الذي ابتسم لي منذ البداية.
لن يكتب القدر لهذه الجدة بأن تسمع حفيدتها تغني لفيروز، ولكنها سمعتها في أداء الغناء الكلاسيكي، الميزو سوبرانو (mezzo-soprano)، وتعني سوبرانو متوسط، وهو نوع من الأصوات الغنائية النسائية، حيث يقع مجاله بين سوبرانو و كونترالتو. هذه هي الحدود التي كانت تسمح بها استاذة الغناء الأوبرالي الروسية تاتيانا سيرغيفا لتلاميذها مخافة أن يتيه هؤلاء عن بوصلة الغناء الكلاسيكي. ومع ذلك كانت الجدة فخورة ’’بإبنة وِلدِها‘‘ التي تجرأت على الخوض في غناء الأوبرا الغربية، في الوقت الذي لم يكن فيه هذا اللون الغنائي مألوفاً في الجزائر. في مونتريال فيما بعد، ستتمرس أوجيدة في السوبرانو وتتمكن من كل أدواتها أيضا.
(مقتطفات من سلسلة العروض التي أحيتها العام الماضي خلال جولة في مقاطعة كيبيك حملت عنوان الألبوم الباكورة ’’ديفا الصحراء‘‘. وقدمت فيروز أوجيدة ثمانية عروض في منطقة ساغنيه لاك سان جان(Saguenay-Lac-St-Jean) في شمال كيبيك، كما قدمت حفلة أخرى في إطار النسخة الـ 22 لمهرجان العالم العربي في مونتريال).
قدر ثانٍ: تاريخ ميلادها
كانت فيروز أوجيدة السوليست التي تغني بشكل إفرادي في المدرسة في كل الحفلات والمناسبات. وكان رفاق الصف معجبين بصوتها مما كان يعزز لديها الشعور بأن صوتها ’’شْباب‘‘، بتعبير أهل الجزائر عن الصوت الجميل. إلى جانب الغناء وحلاوة الصوت، كانت فيروز تجيد أيضا فن التقليد‘‘.
في الجزائر التي ذهبت إليها لدراسة الترجمة، انتسبت فيروز في الوقت ذاته إلى ’’المعهد الجهوي للموسيقى‘‘ ودرست الموسيقى الأندلسية وأصول الغناء طيلة ست سنوات. لن يطول انتظارها لتلتقي الشابة ابنة الـ 18 ربيعا باستاذة الغناء الأوبرالي الروسية الأصول التي كانت تعيش أيضا في الجزائر العاصمة. تُشكك الأستاذة الأجنبية القديرة بادىء ذي بدء بقدرة فيروز على الانضباط والمثابرة و’’تُعلّي لها السقف كثيرا‘‘ في رغبة منها على تحفيز تلميذتها ربما على تعلم الغناء الكلاسيكي الأصيل. أما هي فكانت ترّد بالإيجاب على كل تحدٍ وعرقلة تضعها تاتيانا سيرغيفا أمام شابة منتهى غايتها في هذا الوجود الاتحاد بعالم يدعوها إليه منذ الصغر.
بعدما تعبت من الرد على أسئلة أستاذة الغناء الكلاسيكي المشككة في رغبتي الجامحة بالالتحاق بتلامذتها، كان الخلاص في سؤال أخير وجهته إلي، سيشكل أبرز منعطف في حياتي كلها ومستقبلي كله. متى تاريخ ميلادك؟ سألتني الأستاذة الروسية، أجبت: 3 سبتمبر. في هذه اللحظة نظرت تاتيانا سيرغيفا من النافذة إلى السماء وقالت: ترسل إليّ ربي فتاة مولودة في اليوم ذاته الذي ولدت فيه ابنتي الوحيدة وتريدني أن أرفضها؟ وأردفت قائلة: أعتقد أن القدر أرسلك إلي.
تاتيانا سيرغيفا كانت في ذلك الوقت قرينة قائد الأوركسترا السمفونية الوطنية في الجزائر رشيد صاولي الذي تعرّفت إليه عندما كان يَدرس الموسيقى في العاصمة الروسية موسكو. وقد أدركت يومها أن تلميذتها النجيبة ستكون على غرار وحيدتها مجتهدة ومثابرة، ’’أليست من مواليد برج العذراء، الذي يتحلى أصحابه بالإصرار والعناد وقوة الإرادة في كل ما يقدمون عليه؟‘‘
وهكذا تتلمذت فيروز على يد هذه الاستاذة المرموقة ’’القاسية التي لا تقبل أية مساومة على حساب الفن‘‘. ولكن قبل ذلك اللقاء المفصلي في حياة الفنانة الشابة، تشكلت بداية العشق والشغف بفن الأوبرا منذ الصغر، وتروي السوبرانو المتألقة التفاصيل.
تسرد المتحدثة: ’’ كنت في ربيعي الأحد عشر عندما ندهني والدي لأشاهد على شاشة التلفزيون مغنية أوبرا، أنا التي كانت تشاطر والدها حب الغناء والموسيقى. وجدت والدي مندهشا ومشدودا إلى هذه المغنية الآية بالجمال، بشعر أشقر طويل وفستان أبيض و صوت أخاذ يحملك إلى الغيمة التاسعة. قلت لوالدي بكل الثقة: ’’إنني أستطيع أن أغني مثلها‘‘. ربّت هو على كتفي وضمني إلى حضنه وقال: ليست بهذه السهولة يا ابنتي، الطريق طويلة وشاقة، هذا اللون الغنائي صعب جدا جدا وتلزمه قدرة خارقة واجتهاد‘‘.
في بيت آل أوجيدة، كانت تصدح الأنغام من كل شكل ولون، وكان رب البيت يلعب على آلة الأكورديون في كل المناسبات والأعياد وترافقه فيروز في الغناء.
(تغني أوجيدة: ’’مصرلو‘‘ التي تعني من مصر، مصري أو مصرية، كتب ألحانها عام 1917 الموسيقار المصري الفذ سيد درويش).
كانت المكافأة لي عند الانتهاء من الواجبات المدرسية والمنزلية هي اختيار ما شئت من الاسطوانات في بيتنا لأسمعها وأعيد الاستماع مرددة اللحن والنوتة الموسيقية. كنت اسمع كثيرا إيديت بياف وباربرا سترايسند وجاك بريل كما أسمع فريد الأطرش وأسمهان ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ. ولعل أكثر ما كنت أتوقف عنده ويجذبني ويشكل لي إلهاماً هو ذلك الاسم الذي يكتب مثل اسمي على الاسطوانة وذلك الصوت الذي يسطو على إحساسي ويستولي على كياني، مُشرعاً النوافذ على الحلم والجمال والعالم الأرحب.
تشكر المتحدثة النجمة اللبنانية القديرة التي سميت باسمها في كل مناسبة، علما أن أول أغنية أدتها من الريبرتوار الفيروزي كانت ’’حبيتك بالصيف‘‘ بتوزيع أوبرالي من توقيع زميلتها اليابانية في مدرسة ميلانو العريقة في إيطاليا (Scuola Musicale di Milano) التي انتسبت إليها بمنحة بفضل تفوقها في المعهد الجهوي في وطنها الأم. في هذه المدرسة الإيطالية العريقة طلاب وأساتذة من مختلف أنحاء العالم، وتتميز بأن معظم أساتذتها هم موسيقيون كبار بلغوا سن التقاعد، ويملكون الخبرة الوافية والسمعة الطيبة لترك البصمة والتأثير القوي في نفوس طلابهم. في العام 2001 توّجت فيروز أوجيدة على عرش غناء الأوبرا في حفل لمواهب السوبرانو في مدينة ميلانو، مثلت فيه بلدها الأم الجزائر. أغنية سفيرة النجوم تلك وأغنية ’’لبيروت‘‘ من الريبرتوار الفيروزي ضمنتهما أوجيدة في ألبومها الأول ‘‘نجمة الصحراء‘‘ بتوزيع أوبرالي غير مسبوق.
الشمس الضاوية والريح يفكروني في بلادي الجزائر، ارضي وارض بلادي. فيها جبال ووديان، بحور ورمال وغزلان. نشم فيها ريحة الياسمين والورد والريحان.
قدرٌ ثالث: وفرة في الإحساس والحب
تفتخر فيروز أوجيدة بأنها عاشت طيلة حياتها في كنف عائلة مؤلفة من أربعة أولياء أمور وليس والدين فحسب كما هي العادة في غالبية العائلات.
’’خالتي وزوجها لم يكن لديهما أطفال، لذا قرر والداي أن يتقاسما معهما حياتهما مع بناتهما الأربعة، وعاش البنات تحت سقف واحد مع والديهنّ اللذين أنجباهنّ، على بعد أمتار قليلة مع منزل الخالة وزوجها اللذين كانا يلعبان أيضاً دور الأبوين الصالحين بكل معنى الكلمة. وكان كل أفراد هذه العائلة مجتمعة ينتقلون معاً إلى أماكن ومدن السكن الجديدة ومن بينها مونتريال‘‘.
هذا الدفق في الحنان والرعاية والمحبة الذي نشأت في ظلّه فيروز أوجيدة قد يكون في أساس فيض الإحساس والشعور في الأغنية التي تؤديها والتي تعبق بالفرح والجمال والبذل والعطاء.
أسهبت فيروز أوجيدة خلال لقائي معها في الحديث عن وجع فقدان الأحبة وأثره في نفسها. خسرت خالتها وزوجها كما غيّب الموت والدتها غداة إبصار ألبومها الأول النور في مطلع حزيران / يونيو 2021. لم يبق لها اليوم سوى والدها البيولوجي وهي تنعم بالعيش بقربه في مونتريال مع شقيقتين وعائلاتهما، بينما تعيش الشقيقة الثالثة في الجزائر.
(تقول أوجيدة: ’’كنا في الاستوديو نسجل ألبومي الجديد عندما حدثت مأساة الانفجار المدمر في مرفأ بيروت، التي أثرّت بنا جميعا. شعرنا بتلك الحاجة إلى تقديم دعمنا للشعب اللبناني المقيم والمهاجر. فكانت هذه الأغنية المعبرة الرائعة للسيدة فيروز: لبيروت من كلمات الشاعر اللبناني جوزف حرب وتوزيع الملحن خواكين رودريغو (Joaquin Rodrigo) على كونشرتو أرانجويز (concerto d’Arranjuez).
كلما كان الإحساس عميقا، كلما كان من الصعب مشاركته مع الآخر. استطعت فقط أن أحكي قصتي على المسرح أمام جمهوري في وقت متأخر، عندما كان عمي، والدي الثاني يحتضر على فراش الموت. كان لا بد من أن أوجه له التحية وأشكره وأكرّمه وأعدد أفضاله علي، هو الذي منحني وفرة من الحب والحنان والبذل والعطاء[…] لو لم أختبر الحياة في كندا لما كنت تجرأت ربما على ذلك البوح بمكنونات صدري والاختلاجات في أحشائي. في الجزائر نتحفظ على التعبير عما يخالجنا من مشاعر حقيقية ونكبتها في ذواتنا. لم أكن أعلم أن ذلك البوح سيشكل لي راحة نفسية كبرى وفرحا عميقا وسلاماً.
تقول المتحدثة إنها بعد اليوم ستكتب عن كل الأحاسيس التي تغلفها وتسكنها، منفلتة في فضاء الوجود الأرحب وعالم الخيال غير المحدود التي تستنبط منه الإلهام والإبداع.
ديفا (Diva) بكل معنى الكلمة
تتحوّل فيروز أوجيدة على المسرح ولا تعد تشبه نفسها، كأن روحا جديدة تأتي لتستقر فيها. فيروز التي تتحدث إليك في لقاء صحافي، تبدو كثيرة الخجل، يتملكها خفر وحساسية مطبقة، ولا تتوانى عيناها عن سكب الدموع عند ذكر الأحبة الذين رحلوا أو اي حدث مأساوي آخر يهز كيانها. مثل انفجار مرفأ بيروت الذي كرست له صوتها وغنت رائعة فيروز ’’لبيروت‘‘ في عدة مناسبات على المنابر الكندية في العام 2020.
على المسرح، تقف فيروز أوجيدة بكل الشموخ والعنفوان كصخرة عتيدة، واثقة، متمكنة وآسرة بقوة صوتها النقي وحضورها المميز والشفاف. لا تغني بحنجرتها فحسب، بل إنما بكل ذرة من كيانها، تهز مستمعها وتسيطر على عقله وقلبه فيترنح منتشيا وتملكه الرهبة والقشعريرة من فرط الإحساس الذي يصل إليه في أداء السوبرانو المزدان بكل الرقي والبهاء.
إنها لحظات أشعر فيها أنني أؤدي صلاة وابتهل إلى الله وعظمته. أشعر بقوة تخرج من أحشائي وتشمخ صعودا باتجاه السماء، لا أملك في تلك اللحظة السيطرة على صوتي وحركتي وإحساسي، إنها حالة سكر قصوى تتملكني ولا أعود أدري بكل ما يجري حولي، بل أنا متحدة بعالم رحب جميل لا أعود منه إلا عند سماع تصفيق الحضور.
(أعدت التقرير كوليت ضرغام منصف)