لوبوان: لهذه الأسباب كانت المرحلة الأولى من هجوم روسيا على أوكرانيا فشلا ذريعا
التفوق الجوي الروسي لم يكن حاسما بالحرب على أوكرانيا كما توقع مراقبون (رويترز)
عندما يقول مسؤول روسي، على أعلى مستوى في الدولة، إن ما حدث “مأساة كبيرة بالنسبة لنا” معترفا بـ “خسائر كبيرة” في صفوف قوات بلاده، فإن ذلك يعني أنه لم يعد هنالك مجال للتظاهر بأن خطة الجنرالات الروس تسير بسلاسة، وأنها تجري “بما يتفق بدقة” مع الأهداف الأولية، ولكن من أين جاء الفشل في المرحلة الأولى من الهجوم الروسي على أوكرانيا؟
تقول مجلة لوبوان (Le Point) الفرنسية إن هذا الحكم قوي بقدر ما هو غير مألوف في فم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، ردا على سؤال من قناة سكاي نيوز البريطانية، وإن على موسكو بالتالي مراجعة إستراتيجيتها، لأن الهجوم المفاجئ الذي شنته في أوكرانيا كان الهدف منه الاستيلاء على العاصمة بسرعة وإخافة القادة المحليين، وهو ما لم يقع وهذا “فشل” من وجهة النظر هذه.
ولتفسير هذا الفشل، رأت المجلة -في تقرير بقلم جوليان بيرون- أن شجاعة المقاومة الأوكرانية ليست السبب الوحيد لانتكاسة القوات الروسية شمال البلاد، مشيرة إلى ما قاله مسؤول فرنسي في المخابرات العسكرية من أن “السرعة التي تنسحب بها القوات الروسية من شمال البلاد مفاجئة”.
ويرى هذا المسؤول أن الفصل الثاني من الحرب قيد الإعداد الآن، وأن إعادة تجميع القوات الروسية جارية. ولكن موسكو، بدل أن ترسل قوات جديدة للمشاركة بهذه المرحلة التي أُعلن عنها في دونباس، أرسلت الجنود الذين أنهكتهم المعارك الصعبة والرحلات الطويلة لتقديم يد المساعدة إلى رفاقهم، ولم يبق إلا أن نرى متى وأين سيهاجمون.مدة الفيديو 01 minutes 27 seconds01:27
ليس مقنعا أرضا ولا جوا
وتساءلت لوبوان: كيف نفسر أن الخطة الأولية فشلت؟ وتجيب بأن الجيش الروسي تم تقديمه، قبل الحرب، على أنه أحد أفضل الجيوش في العالم، وأن الأوكرانيين لن يصمدوا أمام “الغول الروسي” إلا أن ما وقع على الأرض فاجأ كلا من الإستراتيجيين الروس والمراقبين الغربيين، خاصة أن الروس لم يستطيعوا السيطرة على الجو رغم أسطولهم من المقاتلات وبطارياتهم من الصواريخ المضادة للطائرات.
ورأت أن صواريخ إس-400 التي قدمت كسلاح متفوق لإسقاط طائرات وصواريخ العدو، بدت غائبة عن المعركة، حيث قام الأوكرانيون بإسقاط العديد من المقاتلات والمروحيات بفضل صواريخ أرض جو التي قدمها الغرب، والتي تمكنوا من نشرها بسرعة كبيرة على الأرض.
وعلى الأرض -تقول المجلة- تشير التقديرات إلى أن روسيا نشرت 120 ألف جندي، ولكن أوكرانيا قابلتهم بما بين 150 و200 ألف جندي، علما بأنه “لشن هجوم فعال -كما يعتقد الخبير الفرنسي- أنت بحاجة إلى نسبة 3 مهاجمين لكل مدافع، لتتمكن من الاستيلاء على منطقة كبيرة، أما بالنسبة للقتال في المدن كما يحدث في أوكرانيا، فترتفع النسبة إلى 5 أو حتى 10 مقابل مدافع واحد، ونحن بعيدون من ذلك”.
كييف استعدت لحرب مدن
وفي نفس السياق، رأت لوبوان أن قوات النخبة الروسية أسيء استخدامها، بحيث نجح المظليون المرموقون والمخوفون في الاستيلاء على أهداف إستراتيجية، ولكنهم اضطروا في كثير من الأحيان إلى التخلي عنها بسرعة للأوكرانيين، كما هي الحال في مطار أنتونوف في هوستوميل، شمال غرب كييف، وأشارت إلى أن المتخصصين الغربيين انتقدوا إهمال الأوكرانيين قبل الحرب لحراسة حدودهم، إلا أن كييف كانت تستعد وتتوقع أن الحرب لن يكون الانتصار فيها على الحدود، ولكن في المدن.
وفيما يتعلق بالمعدات، تفاجأ الخبراء -كما تقول المجلة- بقلة استخدام روسيا لمعداتها الأكثر تقدما أو عدم استخدامها على الإطلاق، حيث أرسلت إلى أوكرانيا مروحيات ومقاتلات وعربات مدرعة قديمة إلى حد ما، كان لدى الأوكرانيين غالبا مثيلاتها، مما أتاح لهم إصلاح الآلات التي تركها الروس للانقلاب عليهم، كما أظهرت دراسة الصور في ماريوبول أن القوات الروسية المشاركة في المعارك الحضرية لم تكن مجهزة جيدا لهذا النوع من القتال.مدة الفيديو 01 minutes 44 seconds01:44
في انتظار 9 مايو/أيار
وفي البحر أيضا، يتساءل الخبراء عن دور السفن العسكرية الروسية الأربعين الموجودة في البحر الأسود، لأنه على عكس ما كان متوقعا، لم تجر أي عملية برمائية كبرى حتى الآن، بل إن موسكو لم تعد تستخدم ميناء بيرديانسك الإستراتيجي بعد الهجوم على 3 سفن روسية هناك، كما أن مدينة أوديسا الساحلية الكبيرة لم يتم الاقتراب منها بعد.
وتساءلت المجلة: هل اضطر الجنرالات الروس لمراجعة خططهم ولأي شيء يستعدون الآن؟ مشيرة إلى أن الموعد النهائي المهم القادم هو 9 مايو/أيار الذي تحتفل فيه البلاد بالنصر الوطني العظيم على ألمانيا النازية، فما الهدية التي يمكنهم أن يقدموها للرئيس فلاديمير بوتين ذلك اليوم؟ هل هي انتصار كامل في دونباس؟
يرى الخبراء العسكريون الفرنسيون أن هذا الهدف بعيد المنال، لأن روسيا شرق البلاد ستجد أفضل القوات الأوكرانية في مواجهتها كما يقول ضابط فرنسي كبير، منبها إلى أن احتلال منطقة ما شيء، ولكن عليك أن تكون قادرا على الاحتفاظ بها، وهذا يتطلب الكثير من القوات، وبالتالي فإن “الجزء الأصعب ما زال في الطريق”.
المصدر : لوبوان