ليلة الإسراء والمعراج
ليلة الإسراء والمعراج
بقلم/ أم تامر المصري – كاتبة كندية مصرية
الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنّ لاالة الاالله وحدة لاشريك له ، وأشهد أنّ محمد رسول الله .” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ” سورة الإسراء:1. يمجد الله سبحانه و تعالى نفسه ويعظم شأنه لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه الذي أسرى بعبده محمد (ص) ليلاً فى جنح الليل من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي فيه بيت الله الأنبياء من إبراهيم الخليل عليه السلام ولهذا جمعوا له هناك كلهم فأمهم رسول الله (ص) وصلى بهم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
قال الإمام البخاري عن أنس بن مالك: ليله أسرى برسول الله (ص) من المسجد الحرام إنه جاءه ثلاث رجال قبل أن يوحى إليه وهو نائم فى المسجد الحرام حتى أتوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه جبريل ، فشق جبريل ما بين نحره حتى فرغ من صدره وجوفه فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه ثم أتى بطست فيه نور من ذهب محشوا إيمانا وحكمة فحشا به صدره – ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب باباً من أبوابها فناداه أهل السماء من هذا ؟ فقال جبريل : قالوا ومن معك؟ قال محمد(ص) قالوا مرحباً به وأهلاً يستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به فى الأرض حتى يعلمهم ، فوجد فى السماء الدنيا آدم . فقال له جبريل : هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فرد عليه آدم السلام – فإذا هو فى السماء الدنيا بنهرين فقال : ما هذان النهران يا جبريل ؟ قال هذان النيل والفرات ، ثم مضى به فى السماء فإذا بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ و زبرجد (حجر كريم) فضرب بيده فإذا هو مسك فقال : ما هذا يا جبريل ؟ فقال هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك ، ثم عرج به إلى السماء الثانيه والثالثه والرابعه والخامسه والسادسه والسابعه كل سماء فيها أنبياء منهم ، إدريس فى الثانية وهارون فى الرابعة وإبراهيم فى السادسة وموسى فى السابعة.
ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله عز وجل حتى جاء سدرة المنتهى ، ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى فأوحى إليه فيما أوحى خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة ثم هبط به حتى بلغ موسى فقال يا محمد ماذا عهد إليك ربك؟ قال عهد إلىّ خمسين صلاة كل يوم وليلة ، قال موسى: إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم حتى صارت إلى خمسه صلوات ، فقال له موسى ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضاً ، قال رسول الله (ص) : يا موسى قد والله استحييت من ربى عز وجل ، قال فاهبط باسم الله قال واستيقظ وهو فى المسجد الحرام – روى الإمام الترمذي عن جبير بن نفير قال: قلنا يا رسول الله (ص) كيف أسري بك ؟ قال: صليت بأصحابي صلاة العتمة بمكة معتماً فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض أو قال بيضاء فوق الحمار ودون البغل فقال: اركب ، فانطلقت تهوي بنا حتى بلغنا أرضاً ذات نخل فأنزلنى فقال صل فصليت ثم ركبت فقال أتدري أين صليت؟ قال الله أعلم قال صليت بيثرب ، صليت بطيبة. فانطلقت بنا ثم بلغنا أرضا قال أنزل ثم ركبنا فقال أتدري أين صليت قلت الله أعلم قال صليت بمدين عند شجرة موسى ثم انطلقت بنا ثم بلغنا أرضاً بدت لنا قصور فقال انزل فنزلت فقال صل فصليت ، ثم ركبا فقال أتدري أين صليت ؟
قال الله أعلم قال صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى بن مريم ثم انطلق بي حتى دخلت المدينة من بابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربط دابته ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر فصليت من المسجد حيث شاء الله ، ثم أتيت بإناءين ، في أحدهما لبن وفي الآخر عسل ثم هداني الله فأخذت اللبن ، فشربت حتى عرقت به جبيني ، وبين يدي شيخ متكئ ، فقال : أخذ صاحبك الفطرة ، ثم انطلق بي حتى أتيت الوادي الذي بالمدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الروابي ، قلت: يا رسول الله ، كيف وجدتها ؟ قال : مثل الحمة السخنة ثم انصرف بي فمررْنا بعيرٍ لقريش بمكانٍ كذا وكذا قد أضلّوا بعيراً لهم فسلّمت عليهم ، فقال بعضهم هذا صوت محمد (ص) ثم أتيت أصحابي، قبل الصبح بمكة ، فأتاني أبو بكر رضى الله عنه فقال: إنه مسيرة شهر ، فقال يا رسول الله: أشهد أنّك رسول الله فقال المشركون: انظروا إنه يزعم أنّه ذهب إلى بيت المقدس الليلة! فقال رسول الله: إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم فى مكان كذا وكذا وقد أضلوا بعيراً لهم فجمعه لهم فلان وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم كذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان ، فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينتظرون حتى كان قريباً من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله (ص). فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون ، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون يريدون ليطفئوا نورالله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون. وكان الإسراء مظهراً لقدرة الله تعالى ، وكرامة منه لنبيه (ص) ، وأراد الله لرسوله أن يصعد به إلى السماء صعوداً حسّياً لا صعوداً روحياً ، ليطّلع على السماء وما فيها.
ونحن نعلم أن القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وتقع في قلبها ،وتعرضت القدس في العصر الحديث إلى العديد من الانتهاكات من الإسرائيليين هيكلهم المزعوم ، فتعرض المسجد الأقصى للحرق والتدنيس أكثر من مرة ، وقاموا بتقسيم مدينة القدس إلى جزء شرقي وجزء غربي ويحاولون أن يتخذوا منها عاصمةً لهم ، ولكن رغم ذلك تبقى مدينة القدس صامدة ، حاملةً هويتَها الفلسطينية بفضل أبنائها ومَن يدافعون عنها. فالقدس هي مركز الديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية ، فقد كانت هذه المدينة أولى القبلتين بالنسبة للمسلمين وثالث الحرمين الشريفين ، وأُسري إليها بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كما بينا سابقا ، وتعد مكان مولد سيدنا عيسى عليه السلام ، ومكان هجرة سيدنا موسى عليه السلام. اللهم ارزقنا فيه صلاة قبل الممات يارب العالمين ، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يشفع لهم رسول الله (ص)، سبحان الله وبحمدة عدد خلقة ومداد كلماته ، اللهم إغفر لى ولوالدى وارحمنا وارحم المؤمنين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. اللهم ارزقنا قلوباً خاشعة وأعيناً دامعة وألسنتاً ذاكرة ، وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيِنِ، وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيِنَ. آمين – وإلى اللقاء