موفّق نعمة ينحت ثقافة بلاد الرافديْن على جليد إدمنتون
لا يمنع البرد الكنديين من الخروج والاستمتاع بفصل الشتاء الذي تكون بعض أيامه قطبيّة أحياناً.
ولم يتردّد النحاّت على الجليد موفّق نعمة الذي يعيش ويعمل بين مدينتي غاتينو في مقاطعة كيبيك و أوتاوا بأونتاريو في المشاركة في المسابقة الدولية للنحت على الجليد التي أُقيمت مؤخّراً في مدينة إدمونتون بألبرتا.
وشارك الكندي العراقي موفق نعمة مع زميله الأمريكي دون لوينغ وكوّنا فريقاً انظمّ إلى سبع فرق أخرى، كلّ واحدة مكونة من نحاتيْن اثنين.
وجاءت هذه الفرق من مدن كندية مختلفة كأوتاوا وكالغاري وإدمونتون ووينيبيغ ومن الولايات المتحدة.
ومثّل بعض المشاركين من كندا بلدانهم الأصلية، مثل المكسيك وفرنسا. ومثّل مشارك من السويد بلده الأصلي ماليزيا.
وحصل كل فريق على 15 قطعة من الجليد. ووفقاً لنظام المسابقة، كان على كلّ فريق إنهاء منحوتته في غضون 34 ساعة.
وعمل الفنانون من الثامنة صباحاً حتى العاشرة مساءً خلال اليومين الأولين من المسابقة التي جرت من 24 إلى 26 يناير/كانون الثاني.
وكان من المفترض أن تنتهي المسابقة في اليوم الثالث في تمام الساعة 2:00 ظهراً بالتوقيت المحلّي، لكن ارتفاع درجة الحرارة فوق درجة التجمد في إدمونتون دفع المنظمين إلى تعليقها واستئنافها مساءً حيث كان الجو أكثر برودة.
كما تمّ إلغاء المسابقة وتحويلها إلى معرض للمنحوتات الجليدية التي أنجزها النحاتون بسبب الأحوال الجوية.
موفّق نعمة
وصل موفق نعمة إلى كندا في عام 2001. وقد جاء من الأردن حيث عاش لمدة 7 سنوات بعد مغادرته وطنه العراق بعد حرب الخليج الأولى.
تخرج من مدرسة الفنون الجميلة في بغداد في اختصاص الفنون التشكيلية. ولم يكن لديه تدريب أساسي كنحات، ناهيك عن النحت على الجليد.
وكطالب كان عليه أن يقوم ببعض أعمال النحت الإلزامية في دراسته، لكن ليس أكثر من ذلك.
وعندما وصل إلى كندا، حاول اقتحام مجال الرسم، لكن ’’ذلك لم يكن سهلاً عليه‘‘، كما قال في لقاء مع راديو كندا الدولي على هامش المسابقة.
وأوضح كيف بدأ النحت على الجليد.
رأيت أن هذا البلد يحتفل بالشتاء والجليد. الناس لا يخافون، على العكس من ذلك، يخرجون للعب على الجليد أو بالثلج.
وذكر أنه ذات يوم كان في حديقة في أوتاوا يرسم بورتريهات للمارة في الأماكن العامة، فطلب منه رجل أن يرسم له صورته وأن يعلّمه تقنيات الرسم، فوافق موفق نعمة.
لكن أثناء حديثه مع الرجل، اكتشف أن هذا الأخير نحات على الجليد. واتفق الاثنان لى أن يعلم كل منهما الآخر(الرسم مقابل النحت على الجليد).
وأدى هذا إلى ولادة تعاون بينهما استمر حوالي 9 سنوات.
وحول مواضيع منحوتاته الجليدية، يقول موفق نعمة أن الاختيار يعود لمنظّمي المهرجانات والمنافسات عادة.
في بعض الأحيان يتم ’’فرض‘‘ الموضوعات من قبل المنظمين، وفي بعض الأحيان يتم ترك الاختيار للمشاركين ، كما كان الحال في مسابقة إدمونتون.
وللمشاركة في هذه المسابقة، اختار موفق نعمة موضوع عشتار، إلهة الجمال في حضارات بلاد الرافدين، وهي المنطقة التاريخية الواقعة بشكل أساسي في العراق وجزء من سوريا حاليّاً.
ويبدو أنّ العمل باليدين في الخارج في طقس شديد البرودة يطرح بعض التحديات أمام النحاتين، خاصة في مدن مثل إدمونتون المعروفة بشتائها القاسي.
لكنّ موفّق نعمه يؤكّد أن ’’البرد لا يسبب مشاكل خاصة.‘‘
النحاتون على الجليد يتعرّقون أثناء قيامهم بالنحت لأنّه عمل بدني بالإضافة إلى كونه عمل فكريً وفنيً.
وأضاف أنّه أحضر خمسة عشر قفازا حتى ينهي منحوتته.
ويواجه النحاتون أيضاً تحديات أخرى. فالتحدي الأول، وفقاً لموفّق نعمة هو الطفس.
فإذا كانت درجة الحرارة منخفضة، يمكنه أن يأخذ وقته لإتمام عمله، ولكن إذا اقتربت من الصفر، فعليه بالإسراع حتى لا تنهار المنحوتة.
وخلال حديثه مع راديو كندا الدولي، شرح الفرق الأساسي بين النحت على الحجر والنحت على الجليد.
على عكس المنحوتات الحجرية حيث يخرج العمل من الداخل، في النحت على الجليد يتم إنجاز المنحوتة مثل البناية.
وعن شعوره بعد المنافسة عندما يرى عمله يذوب ويختفي، يقول إنه ’’ليس لديه مشكلة مع هذا.‘‘
’’يتم توثيق الأعمال وتصويرها. لذا فهي ستظلّ موجودة حتى بعد اختفائها‘‘، كما قال.
ويتيح ذلك للمبدعين امتلاك محافظ تتيح لهم المشاركة في العديد من المهرجانات والمسابقات عبر كندا أو في أي مكان آخر.لكن أهم عنصر في الفن هو “أثره وتأثيره على الناس وليس المادة‘‘، كما قال موفّق نعمة.