الكمأة “لحم نباتي” يفضله العراقيون في الشتاء.. تعرف عليه
بائع الكمأة في سوق شعبية بالعراق (رويترز)
الأنبار– ينتظر أحمد سعود الشمري (أحد سكان ناحية النخيب في محافظة الأنبار غربي العراق) بدء هطول الأمطار في آخر أيام أكتوبر/تشرين الأول وبداية نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام لحصد الكمأة المعروفة في المنطقة “باللحم النباتي”.
وخلال حديثه للجزيرة نت، يوضح الشمري أن الكمأة فطر بري موسمي ينمو في الصحراء شتاء بعد سقوط الأمطار بعمق من 5 إلى 15 سنتيمترا تحت الأرض، وقد يصل وزن الكمأة الواحدة إلى 300 غرام، ويعد من ألذ أنواع الفطريات الصحراوية وأثمنها.
الكمأة يكون شكلها كرويا رخوا ویختلف لونها بين الأبيض والأسود (رويترز)
ويصف الشمري شكل الكمأة بالكروي “اللحمي الرخو”، والسطح أملس، ویختلف اللون من الأبیض إلى الأسود، ویكون الحجم متفاوتا؛ فقد يكون بعضها بحجم حبة البندق، وأخرى بحجم البرتقالة أو أكبر من ذلك.
ويشرح الشمري كيفية العثور على الكمأة عن طريق تتبع نبات الجريد، وهو نبات موسمي يتبع فصيلة نباتات الرقروق، التي يحتاجها فطر الكمأة ليتغذى على جذوره، حيث يكون الجريد الشاهد على وجود الكمأة في المنطقة الصحراوية بعد سقوط الأمطار وحدوث العواصف الرعدية التي تساعد على نمو الكمأ.
ويكمل الشمري حديثه عن وجود عدة أسماء للكمأ عند العراقيين، منها “الأحرق واليبا والزبیدي”، وهناك نوع آخر يسمى “الخلاسي” في بعض دول الخليج التي ينبت في صحاريها كذلك.
مائدة عراقية طبقها الرئيسي نبتة الكمأة (رويترز)
سلاح في مواجهة الأمراض
وتقول المختصة في مجال التغذية الدكتورة ماجدة السعدي إن للكمأ فوائد صحية، فهو يحتوي على نسب عالية من البروتين المقوي لجهاز المناعة، إضافة إلى أنه مضاد للأكسدة لاحتوائه على فيتامينات “بي6، وبي 12، وإيه” (A ،B12 ،B6) التي تساعد في بناء خلايا الجسم خصوصا المناعية، كما أنه يحتوي على معادن الزنك والحديد.
وتضيف السعدي في حديث للجزيرة نت أن الكمأ يحتوي كذلك على الألياف والكاربوهيدرات وعناصر مهمة من الأيونات التي يحتاجها الجسم كالفسفور والكالسيوم والتي تساعد على بناء عظام الجسم وتفيد كبار السن الذين يعانون من هشاشة العظام.
وتلفت السعدي إلى أنه يفضل سلق الكمأ، لأن تناوله بغير هذه الطريقة قد يؤدي إلى زيادة الحساسية في جسم الإنسان. وتشير إلى أن الكمأ يمد الجسم بالطاقة والنشاط، كما أنه مفيد لعلاج السرطان لاحتوائه على مادة دسمة من البروتينات والفيتامينات، ولكونه قليل الدهون.
كما تنصح خبيرة التغذية أصحاب أمراض اضطرابات الجهاز الهضمي أو الأمعاء بعدم تناول الكمأ لما قد يسببه من مضاعفات سلبية لأنه لا يتلاءم مع الأنزيم الهضمي الموجود داخل معدة الإنسان.
الحلبوسي: الأنبار من أكثر المحافظات العراقية التي يكثر فيها الكمأ بسبب اتساع صحرائها الغربية (الجزيرة نت)
سوق الكمأ
وعن أماكن انتشار الكمأة، يقول الباحث الاقتصادي من محافظة الأنبار عمر الحلبوسي إن هذا النبات الموسمي لا يقتصر على الأنبار، بل يتوفر في بادية السماوة وأقضية الزبير وسفوان والرميلة بمحافظة البصرة (جنوبًا) إضافة إلى بادیة الموصل وصلاح الدین (شمالا).
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن محافظة الأنبار تعد من أكثر الأسواق العراقية انتعاشا بالكمأ بسبب الإنتاج الممتاز من هذا الفطر من حيث الحجم واللون والنوع، وهو ما جعل الأنبار أكبر سوق للكمأة في العراق، بل ويصدر لدول عربية مجاورة.
وحول أسعار الكمأ، أشار الحلبوسي إلى أن سعر الكيلوغرام الواحد يتراوح بين 70 و100 ألف دينار (بين 48 و68 دولارا) في بداية الموسم، إلا أنه يتراجع بعد ذلك ليتراوح بين 10 و15 ألف دينار (6 و10 دولارات).
عراقيون يفحصون الكمأة في سوق شعبية بالسماوة جنوبي البلاد (غيتي-أرشيف)
استثمار الكمأ
ويرى الباحث الاقتصادي حيدر الربيعي أن العراق يعد من أوائل وأكبر الدول المنتجة للكمأة في العالم، مطالبا الدولة بالاستثمار في إنتاجه وزيادته للعمل على تصديره وتحقيق مردود مجد للدولة وللعراقيين.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار الباحث إلى أن حصاد الكمأ في نهاية وبداية كل عام يغطي حاجة السوق المحلية، بل ويحقق فائضا بنسبة تصل إلى 35% من إجمالي الإنتاج، وهو ما يستوجب وضع خطة لتصدير الفائض.
وختم الربيعي حديثه بالتأكيد على ضرورة تنشيط ودعم القطاع الزراعي لتجنيب العراق أي أزمة عالمية تؤدي إلى انهيار أسواق النفط كون العراق يعتمد بنسبة تزيد على 93% على الإيرادات المالية المتحققة من بيع النفط الخام، داعيا لزيادة الاستثمار في القطاع الزراعي الذي من شأنه أن يدر مليارات الدولارات سنويا لخزينة الدولة العامة لو حسن استغلاله.
المصدر : الجزيرة