العلاقات الكندية الأميركية: تفاؤل حذر لساسة مخضرمين
على الرغم من أنّ كندا والولايات المتحدة تجتازان فترة من عدم اليقين بشأن قضايا اجتماعية جوهرية، يعتقد سياسيون مخضرمون أنّ على البلدين أن يضعا خلافات الرأي جانباً من أجل الديمقراطية.
هذه هي الملاحظة التي أبدتها نائبة رئيس الحكومة الكندية، كريستيا فريلاند، وسفير الولايات المتحدة في كندا، ديفيد كوهين، وعضو مجلس الشيوخ الكندي، بيتر بويم، وحاكم ولاية نيوجيرسي الأميركية، فيل مورفي، في مقابلات مع تلفزيون ’’سي بي سي‘‘ (القسم الإنكليزي في هيئة الإذاعة الكندية).
قال مورفي إنّ الولايات المتحدة تواجه ’’مزيجاً من الهموم‘‘ بشأن ديمقراطيتها. فاقتحام المتظاهرين المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترامب لمبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني (يناير) 2021 يشكل صورة صادمة لسخط جزء من السكان، برأيه.
والتظاهرات الاحتجاجية التي أعقبت الأحكام الأخيرة الصادرة عن المحكمة العليا الأميركية تبرز بوضوح الانقسامات الاجتماعية، برأي حاكم نيوجرسي الديمقراطي الذي يعتقد أنّ أعلى سلطة قضائية في بلاده لم تعد منسجمة مع السكان.
وألهبت الأحكام الأخيرة الصادرة عن المحكمة العليا في الولايات المتحدة نقاشات هي أساساً مستقطِبة للرأي العام، لاسيما الأحكام المتعلقة بحيازة الأسلحة النارية والإجهاض.
وعبرت هذه التساؤلات الحدود إلى كندا وأعادت التفكير والنقاش مجدداً في موضوع حيازة الأسلحة النارية وفي صعوبة الوصول إلى الإجهاض، لا سيما في مقاطعة نيو برونزويك (نوفو برونزويك) في شرق كندا.
ووافق السفير ديفيد كوهين على أنّ العلاقات الكندية الأميركية يجب أن تتغلب على العديد من العقبات.
وأكّد أنه يؤمن بالصداقة الأساسية التي تربط البلدين والمتجذرة في الروابط الأسرية بين العديد من سكانهما، كما في السفر والتجارة بينهما والعديد من القيم المشتركة.
ومع ذلك، شعر الكنديون خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية بتعرضهم لـ’’الخيانة‘‘ وتولّد لديهم انطباع بأنّ الأميركيين ربما لا يبادلوهم العاطفة، أضاف كوهين.
’’ساهمت الجائحة بشكل كبير في الاستياء‘‘، قال من جهته عضو مجلس الشيوخ الكندي بيتر بويم.
فمن ناحية، تسبّب التباطؤ الاقتصادي بعدم الاستقرار. ومن ناحية أخرى، تسببت القيود الصحية المتصلة بجائحة ’’كوفيد – 19‘‘ بكثير من الغضب، أضاف بويم الذي يمثّل أونتاريو، كبرى المقاطعات الكندية، في الغرفة العليا من البرلمان الكندي.
لقد قادت الجائحة السكان إلى ’’حلقة مفرغة من الإحباطات‘‘، يعتقد بويم الذي سبق له أن كان سفيراً لكندا لدى ألمانيا ثمّ ممثلاً لرئيس الحكومة الكندية لدى مجموعة الدول السبع.
وأظهرت الاحتجاجات ضد الإجراءات الصحية التي شلت وسط العاصمة الكندية أوتاوا طيلة عدة أسابيع في الشتاء الماضي، ومرة أُخرى في الأيام الأخيرة بمناسبة يوم كندا الوطني وإن بدرجة أقلّ بكثير، مدى الاختلافات الأيديولوجية بين الكنديين.
في شباط (فبراير) الماضي أدّى إغلاق جسر ’’أمباسادور‘‘ من الجهة الكندية احتجاجاً على القيود الصحية إلى تشويه صورة كندا بشكل خطير، قالت من جهتها نائبة رئيس الحكومة الكندية، وزيرةُ المالية، كريستيا فريلاند. والجسر هو أهم ممرّ تجاري بين كندا والولايات المتحدة.
’’من دقيقة إلى أُخرى أمكنني رؤية سمعتنا كشريك تجاري واستثماري موثوق به تتآكل‘‘، قالت فريلاند بأسف، ’’ولا يمكننا إطلاقاً إلحاق الأذى بأنفسنا بهذا الشكل. بلدنا ليس كبيرأً ولا غنياً بما يكفي لذلك‘‘.
وجادلت فريلاند بأنّ على كندا، كحليف للولايات المتحدة، أن تظهر الاستقرار وتتصرف بمسؤولية، مضيفةً أنه يجب عليها حماية صورتها لتحقيق ذلك.
عدم أخذ أيّ شيء كأمر مُسَلَّم به
إذا كان على الولايات المتحدة وكندا أن تتغلّبا على العديد من الخلافات في الرأي، يدعو كلّ من فريلاند وكوهين وبويم ومورفي لمشاركة مدنية أقوى، من شأنها أن تعزز، في الوقت نفسه، العلاقات بين البلدين وصحة الديمقراطية لدى كلّ منهما.
وهذا الالتزام يمرّ من خلال مكافحة المعلومات المضلِّلة، برأي السيناتور الكندي بويم، ومن خلال التصويت، برأي حاكم الولاية الأميركي مورفي.
’’العلاقات الكندية الأميركية والقيم الديمقراطية هي أصول قيّمة يجب ألا نستخفّ بها‘‘، أكّد من جهته السفير الأميركي كوهن.
وذهبت نائبة رئيس الحكومة الكندية في الاتجاه نفسه، فرأت أنّ الإلغاء الأخير في الولايات المتحدة للحكم الصادر عام 1973 في قضية ’’رو ضدّ ويد‘‘ يبرز وجود ’’خطر تهاون‘‘ فيما يتعلق بالديمقراطية.
يُذكر أنّ الحكم التاريخي الصادر في الولايات المتحدة قبل نحو نصف قرن يضمن حقّ المرأة في الإجهاض.
يمكن أن يكون هناك دوماً عودة للبندول. كلّ الحقوق قابلة للتآكل. لا توجد ضمانات عندما يتعلق الأمر بالديمقراطية. لا توجد ضمانات عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة
’’لديّ أمل كبير بأننا قادرون على إيجاد أرضيات تفاهم‘‘، قال من جهته مورفي في إشارة إلى النقاشات العامة التي تقسم المجتمع الأميركي بعمق.
أعتقد أنّ هناك غضباً واضحاً سيقود المزيد من الناس إلى صناديق الاقتراع، وهو ما سيثبت، أدعو الله لذلك، أنّ الديمقراطية حيّة وبصحة جيّدة
(نقلاً عن تقرير لراديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)