طريق الكباش: ما أهميته ولماذا تعيد مصر افتتاحه الآن؟
افتتحت مصر مساء اليوم الخميس طريق الكباش الرابط بين معبدَي الكرنك والأقصر في أقصى جنوبي البلاد، وأقيم حفل فني كبير لإلقاء الضوء على أهمية هذا الطريق التاريخي.
وتهتم الحكومة المصرية بهذا الحدث وتقول إنه سيجعل من محافظة الأقصر “متحفًا مفتوحا”.
ويصف عالم المصريات زاهي حواس الحدث بأنه “أهم مشروع أثري في القرن الحادي والعشرين”.
ويبلغ طول طريق الكباش نحو 2700 متر. وقد بُني في عهد الأسرة الثامنة عشرة، قبل نحو ثلاثة آلاف عام.
وتستهدف مصر إنعاش قطاع السياحة الذي ما كاد يشهد تعافيا بعد عشر سنوات من الركود حتى تراجعت أرباحه في ظل وباء كورونا.
وتعتبر السياحة من أهم مصادر الدخل التي تعتمد عليها مصر. وقد وصلت إيرادات مصر من السياحة في النصف الأول من العام الجاري نحو أربعة مليارات دولار، وقد استقبلت البلاد نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح، بحسب مسؤولين.
وأقامت مصر في أبريل/نيسان الماضي حفلا مهيبا نقلت فيه مومياوات 22 شخصية ملكية مصرية قديمة من المتحف المصري بميدان التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، شرقي القاهرة.
حملت المومياوات على عربات مجهزة بشكل خاص، وكانت مزينة برسومات ونقوش فرعونية، وتحمل كل عربة اسم الملك الموجود فيها بالعربية والإنجليزية واللغة المصرية القديمة الهيروغليفية.
“لا تقدّر بالملايين”
كانت السلطات المصرية بدأت ترميم طريق الكباش عام 2005. واستطاعت من خلال جهود فرق البحث والتنقيب إزالة أطنان من الرمال والأتربة بعمق نحو ستة أمتار تحت سطح الأرض حيث عثر على نحو 1200 تمثال أعيد ترميم بعضها ونصْبه على جانبي الطريق.
ويصاحب افتتاح طريق الكباش، الإعلان عن مشاريع لترميم معبدَي الأقصر والكرنك، وتطوير نظم الإضاءة، إضافة إلى مشاريع أخرى في المدينة الأثرية.
وقوبلت خطط الحكومة المصرية لحفل افتتاح الطريق بانتقادات من البعض، أشارت إلى التكلفة الكبيرة لإقامته في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات اقتصادية.
لكن زاهي حواس يقول إن تكلفة إقامة الاحتفال “مهما بلغت” ستعوّض من خلال الدعاية التي سيوفرها هذا الحدث لمدينة الأقصر والتي يقول إنها “لا تقدر بالملايين”
يسير الداخل إلى معبد الكرنك على رصيف من الحجر الرملي على جانبيه صفان طويلان من التماثيل على هيئة أبي الهول بعضها له رؤوس بشرية، ومعظمها برؤوس كباش، أو بنات آوى.
ويرمز الكبش في الثقافة المصرية القديمة إلى الخصوبة.
وكان أبناء طيبة يحتلفون بعد انتهاء موسم الحصاد بعيد إله مدينتهم “آمون”، حيث يخرج الكهنة بتمثال الإله من معبد الكرنك في زيارة خاصة لنسائه في معبد الأقصر، حيث يقضي هناك أحد عشر يوما.
وكان يتعين على الكهنة القيام بتلك الطقوس مرتين سنويا – الأولى في عيد الحصاد، والثانية في عيد جلوس الملك.
وبذلك يعدّ هذا الطريق، الذي يطلق عليه اسم “طريق المواكب الملكية”، أقدم طريق احتفالي ديني في التاريخ.
ويقول زاهي حواس لبي بي سي إنه سيتم خلال الاحتفال بافتتاح طريق الكباش، إحياء عيد الحصاد الذي كان يتم الاحتفال به بخروج موكب آمون.
ومع بداية الاحتفال، ستكون هناك ثلاثة مراكب “مقدسة” مصممة بالطراز الفرعونى تسير فى قلب نهر النيل وسط أضواء مبهرة.
وصممت تلك “المراكب المقدسة” فى نهر النيل لترمز إلى ثالوث طيبة المقدس، “آمون” و”موت” و”خونسو”، وهي رموز الاحتفال بعيد الحصاد “الأوبت” لدى المصريين القدماء.
طيبة: المدينة ذات المئة باب
يقول باحثون إن “الأقصر” اسم أطلقه العرب على “طيبة” القديمة التي كان اسمها يعني لدى المصريين القدماء مدينة الإله الكبرى.
ويعزي باحثون التسمية العربية الحديثة للمدينة إلى كثرة ما بها من معابد والتي ظنّها الفاتحون قصورًا، فأطلقوا عليها اسم الأقصر.
ويصف مؤرخون طيبة بأنها “المدينة ذات المئة باب”، وذلك لاتساعها وتعدد أبواب معابدها.
وتقع الأقصر في أقصى صعيد مصر على مسافة حوالي 670 كيلومترا إلى الجنوب من العاصمة القاهرة. ويرجع تأسيس المدينة، إلى عصر الأسرة الرابعة عام 2575 قبل الميلاد.
وتمتاز الأقصر بطابعها الأثري الفريد، وتضم المدينة أكبر قدر من الآثار الفرعونية المقسمة على البرّين الشرقي والغربي لنهر النيل.
ويضم البرّ الشرقي معبد الأقصر، ومعبد الكرنك، وطريق الكباش الرابط بينهما وغيرها من الآثار. أمّا البر الغربي فيضم وادي الملوك، ووادي الملكات، ومعبد الدير البحري، وغيرها.
وعن مدينة الأقصر يقول عالم المصريات الفرنسي الشهير شامبليون: “”طيبة، تلك أعظم كلمة بين كل اللغات .. جمال آثارها وسموّها مدهش ..”