أخبار عاجلةأخبار كندا

انطلاق قمّة الـ’’ناتو‘‘ في ظلّ تباينات حول الحلّ في أوكرانيا

تعتمد قوة منظمة حلف شمال الأطلسي (’’الناتو‘‘) بشكل خاص على وحدتها وقوة الردع لديها. وكلاهما يخضع حالياً لاختبار صعب، بعد أربعة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا، يقول مراسل راديو كندا في العاصمة الفدرالية أوتاوا، كريستيان نويل، في مقال تحليلي.

والدول الأعضاء في الـ’’ناتو‘‘ ليست في حالة انسجام تام حول العديد من القضايا الأساسية مع افتتاح قمّة الحلف الأطلسي اليوم في العاصمة الإسبانية مدريد. وتكمن معضلتهم الرئيسية في السؤال التالي: هل يكفي مساعدة أوكرانيا كي لا تخسر الحرب أم ينبغي أن تكون لدينا خطة لمساعدتها على الانتصار فيها؟

هناك خلافات داخل الـ’’ناتو‘‘، وتأثيراتها حقيقية، يرى البروفيسور فريديريك ميران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال.

تكمن الخطورة في أن تستغلّ موسكو الفروق الدقيقة في مواقف الدول (الأعضاء) وأن ينتهي الأمر بأن تصبح هذه الفروق عامل شلل للـ’’ناتو‘‘

نقلا عن البروفيسور فريديريك ميران، أستاذ العلوم السياسية في جامعة مونتريال
البروفيسور فريديريك ميران من قسم العلوم السياسية في جامعة مونتريال خلال مقابلة إذاعية مع راديو كندا.

البروفيسور فريديريك ميران من قسم العلوم السياسية في جامعة مونتريال خلال مقابلة إذاعية مع راديو كندا (أرشيف).

الصورة: Radio-Canada / Philippe Couture

وهذه بعض الأسئلة التي ستُطرح في القمة ويجب اتخاذ قرارات بشأنها: أي نوع من الأسلحة الإضافية سيتم إرسالها إلى الجبهة؟ وكم عدد القوات التي نريد إرسالها إلى دول البلطيق كقوة ردع ضد روسيا؟ وما السبيل لإقناع تركيا بعدم منع انضمام عضويْن جديديْن، السويد وفنلندا، إلى الـ’’ناتو‘‘؟ وكيف نحضّر إعادة إعمار أوكرانيا؟

من الأهمية بمكان أن يبني الـ’’ناتو‘‘ إجماعاً حول هذه القضايا، برأي البروفيسورة ستيفاني فون هلاتكي، أستاذة الدراسات السياسية في جامعة ’’كوينز‘‘ في كينغستون في مقاطعة أونتاريو.

إظهار أنّ الـ’’ناتو‘‘ متحد يبعث إلى روسيا رسالة سياسية ودبلوماسية أكثر إقناعاً بكثير، تتجاوز القدرات العسكرية لدولها الأعضاء الثلاثين

نقلا عن البروفيسورة ستيفاني فون هلاتكي، أستاذة الدراسات السياسية في جامعة ’’كوينز‘‘

يعتقد بعض القادة، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه يجب ترك مخرج للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى لا يفقد ماء الوجه. قد يعني هذا الخيار على الأرجح الاتفاق مع أوكرانيا على أن تتنازل عن جزء من أراضيها الشرقية.

هذه الفكرة يرفضها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رفضاً باتاً، وهو في ذلك مدعوم من الولايات المتحدة وكندا.

البروفيسورة ستيفاني فون هلاتكي تبتسم لعدسة المصوّر.

البروفيسورة ستيفاني فون هلاتكي، أستاذة الدراسات السياسية في جامعة ’’كوينز‘‘ في كينغستون، أونتاريو.

الصورة: (Nishelle Walker)

’’بالنسبة لكندا، يتحقق انتصار أوكرانيا بانسحاب كامل للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية‘‘، يقول البروفيسور ميران، ’’بينما بالنسبة لفرنسا وإيطاليا وألمانيا، من المرجَّح أنه سيكون على أوكرانيا القبول بأنها خسرت جزءاً من سيادتها لكي توقّع، في يومٍ ما، معاهدة مع روسيا‘‘.

الموقف المشترك الذي سيظهر بشأن هذه القضية سيحدد جزئياً الخطوات التالية لحلف الـ’’ناتو‘‘ في دعمه لأوكرانيا.

وقد تُدعى كندا لتعزيز وجودها العسكري أو مهماتها التدريبية في لاتفيا. فالـ’’ناتو‘‘ يريد زيادة وجوده العسكري في دول البلطيق لتعزيز موقعه الدفاعي وتكوين تأثير رادع على روسيا.

ويحثّ الأمين العام للـ’’ناتو‘‘، ينس ستولتنبرغ، الدول الأعضاء على الالتزام بزيادة مساهماتها في دول البلطيق الثلاث، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. وهو يريد مضاعفة حجم قوة التدخل السريع للحلف ثلاث مرات ليصل إلى 300.000 جندي.

’’من المؤكد أنّ بإمكان كندا فعل المزيد‘‘، تعتقد البروفيسورة ستيفاني فون هلاتكي، خاصة وأن إنفاقها العسكري لم يصل بعد إلى هدف الـ2% من إجمالي ناتجها المحلي، على عكس حلفاء آخرين مثل ألمانيا. ’’هذا الأمر يضع مزيداً من الضغط على كندا‘‘، تعتقد فون هلاتكي.

يُشار إلى أنّ قيادة الـ’’ناتو‘‘ تطلب من الدول الأعضاء تخصيص 2% من إجمالي ناتجها المحلي لميزانيتها الدفاعية.

دردشة بين رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو وجندية كندية في قاعدة أدازي العسكرية قرب العاصمة اللاتفية ريغا.

دردشة بين رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو وجندية كندية في قاعدة أدازي العسكرية قرب العاصمة اللاتفية ريغا في 8 آذار (مارس) 2022.

الصورة: Associated Press / Roman Koksarov

انضمام السويد وفنلندا

يقدّم رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو دعمه المطلق لانضمام السويد وفنلندا إلى الـ’’ناتو‘‘. وهذا موضوع ساخن ستتم مناقشته في قمة مدريد.

وقبول السويد وفنلندا في الـ’’ناتو‘‘ يعني أنّ الحلف سيمدّ نفوذه إلى حدود روسيا.

’’ستكون علامة فشل لفلاديمير بوتين‘‘، حسب البروفيسور ميران. فقبل غزوها العسكري لأوكرانيا، كانت روسيا تكافح نفوذ الـ’’ناتو‘‘ المتزايد في المنطقة. ’’الآن قد يصبح الـ’ناتو‘ على أبواب روسيا‘‘، يقول ميران.

لكنّ قبول أيّ عضو جديد في الحلف الأطلسي يحتاج لموافقة جميع الدول الأعضاء. وتعارض تركيا انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف إذ تتهمهما (خاصةً السويد) بعدم تبني نهج متشدد تجاه عناصر كردية متطرفة تعتبرها أنقرة إرهابية.

اعتراض تركيا على قبول السويد وفنلندا هو ’’بشكل خاص ذريعة‘‘ بهدف انتزاع تنازلات في قضايا أُخرى، لا سيما في موضوع شراء طائرات مقاتلة أميركية، تعتقد من جهتها البروفيسورة فون هلاتكي.

وانضمام هاتيْن الدولتيْن هو مسألة وقت، تضيف فون هلاتكي. ’’قرّرت السويد وفنلندا تقديم طلب الانضمام معاً. والرسالة هي أنه لن تنضم دولة منهما دون الأُخرى. وهذا الأمر يضع مزيداً من الضغط على الـ’ناتو‘ ‘‘.

الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان رافعاً سبابته اليمنى خلال إلقائه خطاباً، ويبدو العلم التركي في عمق الصورة.

الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أعلن معارضة بلاده لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف الـ’’ناتو‘‘.

الصورة: Getty Images / AFP / ADEM ALTAN

’’تركيا هي دوماً مثيرة للشغب داخل الحلف (الأطلسي)‘‘، يقول من جهته البروفيسور ميران، خاصةً بسبب علاقاتها الوثيقة مع روسيا، لشراء الطاقة والأسلحة، من بين عدة أمور.

ولأول مرة، دُعي رؤساء حكومات اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية إلى قمة الـ’’الناتو‘‘. وهذا دليل على أنّ الحلف الأطلسي، في مواجهةِ عدوانيةِ روسيا وأيضاً تصاعد قوة الصين، يبحث عن حلفاء جدد.

يُشار إلى أنّ كندا عضو مؤسس في منظمة حلف شمال الأطلسي التي أبصرت النور عام 1949.

(نقلاً عن تحليل لكريستيان نويل على موقع راديو كندا، ترجمة وإعداد فادي الهاروني)

ملاحظة: أتت اليوم موافقة الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان على دعم ترشّح السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف الـ’’ناتو‘‘ بعد إعداد هذا التقرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى