خالد الجيوسي:
تَعدُّد النساء للرجل الواحد، هو موضع جدلٍ وخلاف، وموضع حقدٍ وغيرةٍ للنساء، فالمرأة تغضب لمُجرّد وجود عنصر نسائي في الشارع العام يُحدّق بها زوجها، فكيف إذا كان مُلقّباً بالحاج متولي الشخصيّة التي أدّاها الفنان المصري الراحل نور الشريف في مسلسله الشهير “الحاج متولي”، ومُتزوّجاً من أربع نساء على ذمّته، تأخذ كل واحدة منهنّ مساحتها، وغيرتها وكيدها في حياته، وعقله، وقلبه.
التيّارات الليبراليّة تطرح تساؤلات حول الغاية من تشريع الإسلام زواج الرجل من أربع نساء، ويقول المُعترضون إنّ المسألة شهوانيّة غريزيّة بحتة، ولا علاقة لها بمُحدّدات التشريع، الإسلاميّون في المُقابل يُؤكّدون أن الشّرع حلّل أربع نساء للرجل المُسلم، بشرط العدل، والمُساواة، ولأسباب صحيّة تمنع زوجته من الإنجاب، بكُل الأحوال لا يجري تطبيق الشريعة، والرجال يُطبّقون شريعة الفاكهة المُنوّعة التي حلّلها الله كما يقولون على سنّة الله ورسوله، بدل طريق ما يصفوه طريق الزنا والفحشاء والمُنكر، بكُل الأحوال النساء هنّ الخاسرات هُنا تقول إحدى النسويّات، والنسويّة هي حركة نشطت ضدّ الرجال وغرائزهم، وجرى تسليط الأضواء عليها بشكلٍ لافت ومُثير للتساؤلات إعلاميّاً في السنوات الأخيرة.
تعدد الأزواج في #جنوب_افريقيا بين القبول والرفض في البرلمان …هل سنشاهد تعدد أزواج في الوطن العربي ..؟#إلا_رسول_الله_يالشهرى #السعوديه pic.twitter.com/KUKFjlBDaV
— x (@xlxzv6) July 1, 2021
هذا الجدل في السّطور الأولى، ليس موضع الجدل في جنوب إفريقيا، والمُفاجأة، أن المرأة قد يحق لها اختيار أربعة رجال أزواجاً لها، وهو مشروع قانون أثار الجدل، وأغضب التيّار المُحافظ في جنوب إفريقيا، الذين يرون فيه انفلاتاً أخلاقيّاً، في البلد الذي تعد قوانينه مُتحرّرة، فهو يسمح بزواج الشواذ من الرجال والنساء (المِثليين).
من الناحية الشرعيّة، يرفض الدين الإسلامي زواج المرأة من عدّة رجال، لحفظ نسب الأطفال، إلا أن الأمر ما قبل الإسلام عصر الجاهليّة في الجزيرة العربيّة كان سائدًا، ومسموحاً، بل إن بعض السرديّات التاريخيّة تقول إن المرأة كانت تختار من الرجال أوسمهم، وأشجعهم في الجاهليّة، بعد مُمارستها الجنس مع عدد منهم، وتنسب طفلها لأفضل هؤلاء، ومع تطوّر العلم اليوم، بات من السهل تحديد النسب، إلا أن تعدّد الرجال للنساء يبقى أمرًا مرفوضاً شرعاً، ومُجتمعاً، ومُخالف لضوابط العادات والتقاليد، ومُقزّزًا بالنسبة للبعض، وفكرةً تتعدّى خُطوط المُجتمعات الشرقيّة في الشرق الأوسط تحديدًا، وحتى الغربيّة عُموماً.
الرافضون لمشروع القانون كُثر في جنوب إفريقيا، وعلى رأسهم رجل الأعمال والإعلامي موسى مسليكو، وللمُفارقة أنّ الرجل مُتزوّج من أربع نساء، لكن المُؤيّدون له يرون فيه مساحة للحُريّة أكبر للنساء، ومنع السيطرة عليهن.
وتبقى التساؤلات مطروحةً حول كيفيّة تطبيق هذا القانون والتي وردت على المنصّات حول تعدّد الرجال الأزواج للمرأة الواحدة، هل ستدفع المرأة الصداق للرجل، وهل سيحمل الرجل اسمها الأخير، وهل ستحصل الغيرة ذاتها التي تشتعل بين النساء لنيل قلب رجهلن الواحد، وهل سيجري توزيع الليالي بالتساوي على أزواج المرأة، وماذا لو مال قلبها لأحدهم، وغيرها الكثير من الأسئلة السّاخرة، والواقعيّة.
تهدف حكومة جنوب إفريقيا من ذلك القانون كما تقول إلى إصلاح القوانين المُتعلّقة الأحوال الشخصيّة، وتعزيز مبدأ المُساواة بين الرجال والنساء، إلا أن الانتقاد الأشد جاء على لسان رئيس حزب الجماعة الإسلامي غانييف هندريكس الذي علّق على المقترح في مداخلة أمام برلمان إفريقيا الجنوبية فقال: “أنتم تدركون ضرورة اللجوء إلى اختبارات الحمض النووي الصبغي بعد ولادة أطفال الزوجة الواحدة التي لديها عدّة أزواج لتحديد هوية أب المولود”.
وانضم إلى الاعتراض في السياق الديني، كينيث موشي، زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي في إفريقيا الجنوبيّة، الذي اعترض على المُقترح لأنه كفيل برأيه بجعل الأزواج يدخلون في مواجهة بين بعضهم البعض بسبب الغيرة.
ووسط هذا الجدل الحاد الذي يُثيره مشروع القانون، فإنه يُمكن أن يُسن العام 2024، وقد كُشف عن هذا المشروع في مايو/أيار عام 2021.